اهلا بك عزيزي الزائر في موقع برامج الانبار
أحدث المواضيع
||

12/24/2015

غزوة مؤتة ما هو سبب غزوة مؤتة

غزوة مؤتة ما هو سبب غزوة مؤتة وعبقرية خالد بن الوليد العسكرية
بعث الرَّسول (صل الله عليه وسلم) الحارث بن عميرٍ الأزديَّ بكتابه إلى عظيم بصرى من أرض الشَّام، فتعرَّض له شرحبيل بن عمروٍ الغسانيُّ عامل قيصر على البلقاء من أرض الشَّام، فربطه وضرب عنقه، فكان قتل سفير رسول الله 
(صل الله عليه وسلم) دليلًا على إعلان الحرب على رسول الله (صل الله عليه وسلم) وعلى الإسلام والمسلمين.

غزوة مؤتة

اشتدَّ ذلك الحدث الأليم على رسول الله 
(صل الله عليه وسلم) فجهَّز إليهم جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتلٍ، وجعل زيد بن حارثة أميراً على هذا الجيش، وقال: إن قتل زيد ٌفجعفر بن أبي طالبٍ يكون أميراً، وإن قتل جعفرٌ فعبد الله بن رواحة.
وعقد لهم لواءً أبيض، وأعطاه زيد بن حارثة، وأوصاهم أن يأتوا إلى المنطقة التي قتل فيها الحارث بن عميرٍ، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا تركوهم، وإن لم يسلموا استعانوا عليهم بالله وقاتلوهم.
وقال لهم: «اغزوا باسم الله في سبيل الله من كفر بالله، ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليداً، ولا امرأةً، ولا شيخا ًكبيراً، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرةً».
تحرَّك هذا الجيش نحو شمال الجزيرة العربية في اتِّجاه الشَّام، اتِّجاه فلسطين، اتِّجاه بيت المقدس أولى القبلتين، حتَّى نزل معان من أرض الشَّام.
وكان الرُّوم قد جمعوا منهم مائة ألف مقاتلٍ، وانضمَّ إليهم مائة ألفٍ أخرى من عرب الشَّام الذين كانوا تحت حكم الرُّومان.
ولم يكن المسلمون يظنُّون أنَّهم سيلاقون مثل هذ الجيش الضخم المجهَّز بأعظم الأسلحة.
أقام المسلمون في معان ليلتين يفكِّرون في أمرهم، ويتشاورون، ثمَّ قالوا: نكتب إلى رسول الله 
(صل الله عليه وسلم) فنخبره بعدد عدوِّنا، فإمَّا أن يمدَّنا بالرِّجال، وإمَّا أن يأمرنا بأمره فنمضي له.
لكنَّ عبد الله بن رواحة شجَّع النَّاس قائلًا لهم: يا قوم لقد خرجنا للجهاد في سبيل الله، ولا نقاتل النَّاس بعددٍ، ولا كثرةٍ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدِّين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنَّما هي إحدى الحسنيين؛ النَّصر أو الشَّهادة.
فقال الناس: قد صدق والله ابن رواحة.
سار الجيش الإسلاميُّ في طريقه إلى لقاء الرُّوم، سار ثلاثة آلاف جنديٍّ مسلمٍ لملاقاة مائتي ألف كافرٍ.
ساروا حتَّى لقيتهم جموع هرقل من الُّروم والعرب بقريةٍ من قرى البلقاء يقال لها (مشارف) وانحاز المسلمون إلى قريةٍ يقال لها (مؤتة) فالتقى النَّاس عندها، فاستعدَّ المسلمون للقتال، فجعلوا على ميمنتهم قطبة بن قتادة، وعلى مسيرتهم عبادة من مالكٍ.

بدء القتال
في مؤتة بدأ القتال المرير؛ ثلاثة آلاف مقاتلٍ يواجهون مائتي ألف مقاتلٍ، معركةٌ لم تشاهد حروب العالم في ذلك العصر مثلها، ولكن إذا هبَّت ريح الإيمان، ولاحت أطياف الجنان، واستهان المقاتل المسلم بالموت بل وحرص عليه، وهبت لهذا المقاتل الحياة، وانصرف الموت إلى الذين يحرصون على الحياة.
وقف القائد زيد بن حارثة حبُّ رسول الله 
(صل الله عليه وسلم) يرفع الراية خفَّاقةً شامخةً، وقف شامخا ًكأنَّه الصَّقر يرمي بسيفه يميناً وشمالًا، يقطف به رؤوس الرُّومان، وتكالبت عليه سيوف الأعداء ورماحهم حتَّى أثخنوه بالجراح، وهم يظنون أَّنه إذا قتل البطل فرَّ بقيَّة الجيش من أرض المعركة، فلم يزل يقاتل ويقتل منهم، ويضربونه بالسُّيوف ويطعنونه بالرِّماح حتَّى نال الشَّهادة في سبيل الله وفاز بالجنَّة.
هنا ظنَّ الرُّومان أنَّهم ربحوا المعركة، فإذا بالراية ترتفع شامخةً مرةً ثانيةً في يد البطل الثاني من أبطال معركة مؤتة، إنَّه ابن عمِّ رسول الله 
(صل الله عليه وسلم) جعفر بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، وشدَّ بسيفه يقاتل أعداء الله قتالًا أذهل الرُّومان، وهو يقول الشِّعر، وقد هبَّت عليه نسائم الجنة:

يا حبذا الجنة واقترابها
طيبةً وباردًا شرابها
والروم رومٌ قد دنا عذابها
كافرةً بعيدةً أنسابها
عليَّ إذ لاقيتها ضرابها

حتَّى إذا أرهقه القتال ترجَّل عن فرسه الشَّقراء، فعقرها حتَّى لا يغنمها الأعداء، فجاءه روميٌّ مدجَّجٌ بالسِّلاح فمدَّ سيفه إلى يمين جعفر فقطعها، فأخذ شماله الرَّاية فرفعها، فجاءته ضربةٌ بسيفٍ قطعت شماله أيضًا، ولنتصوَّر شجاعة هذا البطل الجريح الذي قطعت يداه والرَّاية أمامه، ولنتصوَّر حرصه على رفع الرَّاية، فما كان منه إلا أن احتضن الرَّايةً بعضديه فلم تزل الرَّاية ترفرف مرفوعةً حتَّى جاءه روميٌّ فضربه ضربةً قطعه بها إلى نصفين، فسمِّي جعفر الطيار؛ لأنَّ الله تعالى أثابه بجناحيه جناحين في الجنَّة يطير بهما حيث شاء.
وقد تلقَّى أكثر من خمسين ضربةً بسيفٍ وطعنةً برمحٍ في صدره وجسده، وهو مقبلٌ على العدوِّ غير مدبرٍ.
ومرَّةً ثانيةً يظنُّ الرُّومان أنَّ المعركة قد حسمت لصالحهم بقتل القائد الثَّاني لجيش المسلمين، ومرَّةً ثانيةً يخيب ظنُّهم إذا تلقَّى الرَّاية باليمين البطل الثالث القائد عبد الله بن رواحة، فتقدَّم بها وهو على فرسه، وقد تردَّد بعض التردُّد لما رأى من هول المعركة وفظاعة الرُّومان و وحشيتهم.
قال عبد الله بن رواحة مخاطبًا نفسه ومشجِّعًا إيّاها على المضيِّ في القتال:
أقسمت يا نفس لتنزلنَّه
لتنزلن أو لتكرهنه
إن أجلب النَّاس وشدوا الرنه
ما لي أراك تكرهين الجنَّة
وقال:
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت
إن تفعلي فعلهما هديت

ثم نزل وتقدَّم وقاتل حتَّى فاز بالشَّهادة.

سيف الله خالد بن الوليد:
كان رسول الله 
(صل الله عليه وسلم) يرقب المعركة، فقد كشف الله له عن مكانها، فصعد المنبر فاجتمع النَّاس إلى رسول الله (صل الله عليه وسلم)، فقال «أخبركم عن جيشكم هذا، إنَّهم انطلقوا فلقوا العدوَّ، فقتل زيدٌ شهيدًا، ثمَّ أخذ اللواء جعفرٌ فشدَّ على القوم حتَّى قتل شهيدًا، ثَّم أخذ اللواء عبد الله بن رواحه فأثبت قدميه حتَّى قتل شهيدًا، ثمَّ أخذ اللواء خالد بن الوليد. اللَّهمَّ إنَّه سيفٌ من سيوفك فأنت تنصره».
فمن ذلك اليوم سمِّي خالدٌ سيف الله.
فلمَّا أخذ الرَّاية خالدٌ قال رسول الله 
(صل الله عليه وسلم) «الآن حمي الوطيسُ». وانقضى ذلك اليوم.
فلمَّا أصبح خالد بن الوليد لجأ إلى الحيلة؛ فغيَّر نظام الجيش؛ جعل المقدمة ساقةً، والسَّاقة مقدمةً، والميمنة ميسرةً، فلمَّا التحم الجيشان كان الرُّومان يعرفون وجوه الجيش وراياته، فلمَّا تغيَّرت عليهم الملامح والَّرايات قالوا: قد جاءهم المدد فرعبوا وانكشفوا منهزمين، وهجم قطبة بن قتادة على مالك بن زافلة وهو أمير أعراب النَّصارى فقتله، وقتل المسلمون من الرُّومان مقتلةً عظيمةً لم يقتلها جيشٌ في حربٍ، وكان خالدٌ يقتل من الرَّومان حتَّى انكسر في يده تسعة سيوفٍ، ونصر الله جيش مؤتة، ولم يقتل من المسلمين سوى اثني عشر رجلًا.
وكان بعض الصَّحابة في هجمة الرُّومان أوَّل اللقاء قد فرَّ بعضهم إلى المدينة المنورة، فلمَّا وصلوا تلقَّاهم النِّساء والصبيان يحثون في وجوههم التُّراب ويقولون: يا فرّار.
فقال
(صل الله عليه وسلم): «بل أنتم الكرَّارون».
ثمَّ قدم الجيش الإسلاميُّ ظافراً على رأسه سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه وعنهم أجمعين.
وكانت هذه المعركة من عجائب الحروب، وحينئذٍ أدرك المشركون من العرب أنَّ المسلمين مؤيَّدون من الله تعالى ومنصورون، ولذلك نرى القبائل التي كانت تحارب المسلمين تسرع إلى الإسلام.
وكانت هذه المعركة بداية اللقاء الدَّامي مع الرُّومان، وكانت تمهيداً لمعركة اليرموك وفتح القدس.

ليست هناك تعليقات:

اكتـب تـــــعليقا لبـرامج الانبــــار


بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))

صدق اللَّهُ العظيم


ملاحظة:آرائكم تسعدنا, لمتابعة التعليق حتى نرد عليك فقط ضع إشارة على إعلامي



يتم التشغيل بواسطة Blogger.