اهلا بك عزيزي الزائر في موقع برامج الانبار
أحدث المواضيع
||

12/18/2015

العلاقة بين المعلم والطالب وكيف يمكن تطويرها

العلاقة بين المعلم والطالب وكيف يمكن تطويرها
الأهداف:
• محاولة الاستفادة مما ورد في تراث الحضارة الإسلامية عن علاقة الطالب بمعلمه.
• إطلالة على صورة التعليم في الوقت الحاضر.
• محاولة البحث عن مدى تأثير طرق التعليم على العلاقة بين المعلم والطالب.
•  البحث عن صورة علاقة جديدة بين المعلم والطالب، تعطي للطالب الحرية، وتحافظ على كرامة المعلم.
 «المعلم والطالب» صورة العلاقة في التراث الإسلامي:
قال تعالى ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾[1]  وفي أية أخرى ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[2]  المعلم والطالب هما عنصران هامان من عناصر التربية وتأتي الأسرة كعنصر ثالث يكمل هذه العناصر, والمنهج هو العنصر الرابع.. فالعملية التربوية لا يمكن أن تقوم بدون وجود هذه العناصر في خلطتها، تماما كطبخة معينه لا يمكن الاستغناء عن عناصرها الأولية.
وفي موضوع التربية لايمكن الحديث عن الطالب، بمنأى عن المعلم والعكس صحيح.. يشبه إلى حد بعيد الأبناء الذين لايمكن أن نتحدث عنهم بعيدا عن آبائهم، من هنا فإن الحديث عن وضعية الطلاب يتضمن فعلا الحديث عن المعلمين، والنظام التعليمي بأسره.
ويقع الكثير من الناس فريسة الفصل بين الطالب والمعلم وكأنهم أشياء مختلفة، فتجد أن المعلمين يرمون بسهامهم على أسرة الطالب، كونها أخفقت في تربيته بشكل لائق، بينما يلقى الطلاب باللائمة على المعلمين كونهم قاصرين عن الفهم الإنساني، أداء الواجب، يتصفون بعدم العدل بين الطلبة.
وعندما نبحث في دفاتر تراثنا الإسلامي هادفين إلي الاستنارة بصورة العلاقة بين المعلم والطالب، سنجد أن هناك تنظيما رائعاً، نظر اليه وطبق في عهود الدولة الإسلامية..نجد أن الإسلام والثقافة الإسلامية والعربية يحثان «الطالب» المتعلم في جميع المراحل على الجّد والتعب من أجل تحصيل العلم، ويحثانه على التواضع عند التعامل مع المعلم، فقد ورد في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبى طالب  قوله: «وأما حق سائلك بالعلم فالتعظيم له، والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه، والمعونة له، على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم، بأن تفرغ له عقلك وتحضر فهمك وتزكي له«قلبك» وتجلي له بصرك وبترك اللذات، ونقض الشهوات، وأن تعلم فيما ألقى«إليك» رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل فلزمك حسن التأدية عنه إليهم ولا تخنه في تأدية رسالته والقيام بها عنه وإذا تقلدتها ولا حول ولا قوه إلا بالله».
وقد ذكر صاحب كتاب منية المريد في أدب المفيد والمستفيد أربعين صفه يجب أن يتصف بها المتعلم «وأستاذه» منها على سبيل المثال:
1- أن يختار المعلم الذي يأخذ منه العلم فليختر من كملت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته، وعرفت عفته... وظهرت مروته.
2- أن يعتقد في شيخه أنة الأب الحقيقي والوالد الروحاني له.
3- أن يعتقد «التلميذ» أنه مريض النفس.. وأن شيخه طبيب مرضه.
4- أن يتواضع له زيادة على ما أمر به من التواضع للعلماء.
5- أن يجلس بين يديه جلسة الأدب والسكون والخضوع وإطراق رأس تواضع وخشوع... الخ.
ويحدثنا ابن جماعه في الباب الخامس من كتاب «تذكرة السامع» عن أهم الأداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم منها:
1- أن لا ينشغل فيها «المدرسة» بالمعاشرات والصحبة إلى ذلك بل يقبل على العلم.
2- أن يكرم أهل المدرسة التي يسكنها بإفشاء السلام وإظهار المودة والاحترام،«وفي الوقت الحاضر يمكن أن نقول أن يتعامل بأدب مع العاملين في المدرسة».
3- أن يختار لجواره أصلح الطلاب حالا وأكثرهم اشتغالا.
4- أن يحافظ على أثاث المدرسة من الإتلاف والتوسيخ.
5- أن لا يتخذ باب المدرسة مجلسا بل لا يجلس فيه إلا لحاجه كانقباض صدر أو ضيق «تذكر أن مثل هؤلاء الطلاب ينامون في المدرسة».
6- أن لا ينظر في غرفه أحد الطلاب أثناء مروره من شقوق الباب وأن سلمّ.. سلمّ وهو ماشٍ.
7- أن يتقدم الطلاب على المدرس في حضور الدرس «وهم في» أحسن الهيئات.
نود أن نلفت نظركم بأن النظام التعليمي الإسلامي ضمن العلم للفقراء والأغنياء، بالإضافة إلى رعاية خاصة بالموهوبين، وكان يصرف عليهم من الأوقاف، لذلك تخرج مجموعه من الفقراء أمثال، أبو تمام الطائي الشاعر الشهير والجاحظ والإمام الشافعي والإمام الغزالي وأخيه احمد خصوصا في المدارس التي أسسها نظام الملك 457 هـ وسميت بالمدارس «النظامية» والمدارس التي بناها نور الدين زنكي وسميت بالمدارس «النورية» هذا من جهة.
من جهة أخرى «نلاحظ» أن التراث الإسلامي العربي، لم يغفل الحديث عن شروط المعلم وصفاته والتي أهمها:
1- أن لاينصب لهذا المنصب العلمي إلا بعد أن يستكمل عدته ويشهد له بذلك أفاضل أساتذته وكبار علماء عصره.
2-  ألا ينقطع من تعليم الطالب علماً، إلا إذا آنس منه فهماً.. ثم يتدرج معه إلى تفريعات العلوم، وأن يذكر له قواعد هذا العلم.
3- أن يطرح على طلابه أسئلة كثيرة يفهم منهم مقدار ما استوعبوه.
4- أن يصون درسه من الغوغاء واللغظ وسوء الأدب.
5- أن يكون مهذباً متديناً متحلياً بالأخلاق النبيلة، كاظماً لغيظه حليماً وقوراً متئداً رفيقاً بطلابه.
6- أن لا يدعي علم ما يجهل.
7- أن يكون متقيداً بشروط واقف المدرسة منفذاً لرغباته.
8-  أن يكون حريصاً على حفظ أثاث المدرسة وكتبها وأدواتها وأن يوصي الطلاب بذلك.
هذا ملخص ما رواه ابن جماعة في كتاب تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم والأمام الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين» وطاش كبرى زاده في كتاب «مفتاح السعادة» وابن عبد البر في «جامع بيان العلم والفضيلة» والزرنوجي في «تعليم المتعلم» والسبيكي في «معين النعم ومبين النقم» استقيناها من كتاب الدكتور عبد الله عبد الدائم «التربية عبر التاريخ من العصور القديمة حتى أوائل القرن العشرين»، ولم يخرج القلقشندي كثيرا عن هذه الشروط.
ومع التطورات التي حدثت للتعليم من تغير وتطور لدور المعلم في مدارسنا،إلا أن أكثر ما يعاب على نظام التعليم، نجد أننا محتاجون هذا اليوم وغداً الى التمسك بهذه الثوابت ما كانت في خدمة العملية التعليمية وليس من أجل التحكم في الطالب.
 نظامنا التعليمي في بداية عهده كان يعتمد على الحفظ. وحشو الذهن بالمعلومات... هذه الأمور كانت مقبولة. ومع أن النظام لم يبق على حاله إلا انه لا يزال يعاني من الكثير من المشكلات بعضها يرجع إلى الطالب والمعلم، والآخر منها يرجع إلى البيئة المحيطة.
 تطورات المفاهيم التربوية:
كما يعلم الجميع أن التربية ليست مسألة جامدة، وإنما هي عمليه متجددة لذلك لا يمر يوم إلا ويفصح العلم عن طريقه أخرى للتعليم فدور كل من الطالب والمعلم مرت بمراحل متعددة، انتقل فيها دور الطالب من الدور السلبي المتلقي للمعلومات، إلى دور المشاركة، ثم إلى دور المشارك الفعال، وكذلك المعلم تحول دوره من الملقي، إلى الشارح للمعلومات، والمستخدم للوسائل، إلي دور المجري للتجارب، والمشرف والمصمم للعملية التعليمية والتي تعتمد على المبادئ النفسية والتربوية التي جاء بها سكنر ورفاقه، والتي تعتمد على قياس السلوك، واستثارة الدافعية، وتعزيز الأفعال الإيجابية أما الآن فيسود نوع جديد من التعليم وهو التعلم عن بعد، أو التعليم عن طريق المجموعات.أو التعليم عن طريق الورشة، والشحذ الذهني. 
نعتقد أن مثل هذه النماذج، لو استطعنا استيعابها بشكل جيد، لمكننا ذلك من استعادة حماس المعلم «المفقود» وتحفيز الطالب لتحقيق المكانة الاجتماعية لنفسه، والتي هي مطلب يحظى بأهمية كبيرة خصوصاً لدى طالب المرحلة الثانوية، ناهيك عن فوائدها من الناحية الاجتماعية، مثل الكشف عن حالة القيادة والتبعية، وتعلم الحديث والكلام والتعبير عن الذات وهي صفات وأمور «أغفلتها» لم تعطها المناهج القديمة قيمة واهتماماً كبيراً في تخطيطها.
وفي الواقع نحن أمام منعطفات كبيرة تسود العالم أجمع!.. نحتاج فيه إلى النظر جيداً في طرق التعليم القديمة والسائدة حالياً في بلادنا، والتي لا يمكن أن نقول أنها كاسدة بالكامل، كم أننا لا نستطيع أن نجزم بإيجابية الطرق الحديثة بالكامل وملاءمتها للبيئة المعاشة دون إدخال أدني تعديل عليها.. لكن وقياسا للمجتمعات العربية التي طبقت مثل هذه الطرق التعليمية، فإن الأمر أمسى مشجعاً ومفيداً ومناسباً للعملية التعليمية بشكل كبير.
نشير في هذا الصدد إلى دراسة أخيرة قامت بها الباحثة «نجاح الرمحي» لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة ولدز في بريطانيا حول تجربة أسلوب التعليم التكاملي في فلسطين وبدأت الباحثة التي أعجبها موضوع التعليم التكاملي فجعلته موضوع رسالتها.
وقد أبدت الكاتبة إرتياحها لوجود تغيرات إيجابية في جوانب كثيرة في العملية التعليمية في هذه الصفوف تبرز هذه التغيرات في تطبيق أساليب تدريس متنوعة وجديدة واستخدامها بطريقة فعالة، مثل طريقة العمل في إطار المجموعات، وكذلك استخدام أسلوب الدراما ومعها طرح الأسئلة المفتوحة والتعليم عن طريق العمل واللعب، وربط المفاهيم الأكاديمية بواقع الحياة، واستخدام أساليب ونشاطات على أرض الواقع واستغلال مرافق المدرسة الخارجية للتعليم، وتفعيل أفضل للمواد الخام في البيئة المحلية.
جدير بالذكر أن الباحثة تحدثت عن تقليل الفجوة ما بين المعلم والطالب بأنه «المحور الرئيس في التغيير» وذكرت أن أسلوب التعليم التكاملي ميًز علاقة الطالب بالمعلم بالكثير من الانفتاح والقرب مما انعكس على نفسية الطالب، ونقله من الجو الروتيني إلى جو آخر أكثر رحابة، وأعطاه الحرية كي يكون عنصراً مؤثراً يجعله مستمتعاً، وبذلك يحب المدرسة ويبدع أكثر.
ما نستفيده من هذا الأمر هو أننا يجب أن نعيد النظر في الطرق والأساليب التربوية المستخدمة، ومحاولة التطوير منها ولو بشكل تجريبي.. علما أن كثرة الطلاب في الصف من أهم إعاقات أسلوب التعلم التكاملي، وكذلك أسلوب التعلم التعاوني، أو المجموعات، وغيرها.
إننا محتاجون في هذه الحالة إلى تخفيف عدد الطلاب في الصف،ومحتاجون إلى تخفيف نصاب المعلم من أجل الأعداد والتخطيط الجيد لهذا التعلم.
إن صورة العلاقة «أيها السادة» بين الطالب والمعلم، أصبحت في الفترة الأخيرة في مهب الريح، الايجابـيون من المعلمين، ينحون باللائمة على الأسرة وعلى الطالب، أما السلبيون فيكفرون بالنظام التعليمي، ويرون عدم جدوائية التعليم في الوقت الحاضر.
وإدارات التعليم، ومن فوقها وزارة التربية والتعليم تعتقد إن مثل هذه المشكلات «وبعضها تصادمات دموية بين الطلاب والمعلمين»، أمور منتشرة في العالم بأسره، وليس في المملكة العربية السعودية، ولذلك تفضلت علينا في الآونة الأخيرة مشكورة بنظام للعقوبات السلوكية في المدارس، ومنها درجات المواظبة والسلوك.
 واجبنا تجاه هذه التغيرات:
امام هذه الصورة المستجدة ماالذي يمكن أن نفعله، بهدف تصحيح هذه العلاقة الغير سوية بين الطالب والمعلم؟
أولاً يجب أن نعترف إن كثيراً من المشكلات الطلابية، ليست نتاج النظام التعليمي لوحده، أو المنهج الدراسي وان كان النظام بما فية المنهج مساهم بشكل كبير في بعض المشكلات الطلابية. إن المشكلات التي تحدث بين الطلاب والمعلمين، يسببها مجموعة من الأسباب مجتمعة منها ما يتصل بالمدرسة، ومنها ما يتصل بوسائل الأعلام، ومنها ما يتصل بالبيئة المحيطة.
وكما الطالب، فإن المعلم ذاته واقع في مشكلات كثيرة تخلقها التغيرات الشديدة التي تغير وجه المجتمع, والحل لا يجب أن يكون بزيادة الجفوة بين الطالب والمعلم، ولايجب أن يكون بإغماض أعيننا عن المشكلة. الحل يكمن في زيادة الانفتاح بين الطالب والمعلم وإعطاء الطالب دوراً على صعيد المدرسة«المنشأة» والمدرسة «النظام»، والتعامل معه كشريك في العملية التعليمية، وليس كمنفذ لها فقط بشكل سلبي، ويجب المحاولة بجدية للإحاطة بمشكلات الطلاب، وقد يكون تجريب بعض الطرق التعليمية مجدية لكسر الروتين، إضافة إلى التركيز على زيادة جرعة النشاط الطلابي، وزيادة عمل الطلاب في ورش أو غيرة بشكل فرق عمل، لتوطيد الروح الجماعية لدى الطلاب وزيادة العلاقة بين الطلاب ببعضهم.
في الواقع كان لذي تجربة مع طلابي، في الحصص الغير نظامية «الانتظار» وفي حصة التربية الوطنية، أناقش معهم مشكلاتهم مع الدراسة، فأجد أن الطلاب يتفاعلون بشكل كبير، ويقدمون بشكل أفضل، ويعبرون عن آرائهم في أعقد المشكلات.
واحدة من أهم المشكلات لدى الطلاب، كانت العلاقة بين الطالب والمعلم.. ففي واحدة من الجلسات طلبت من احدى المجموعات تقييم علاقة طلاب الصف مع المعلمين بين السلب والإيجاب فكانت الإجابة واضحة وتحمل في طياتها الصراحة كما «تسمعون» تقرؤون:


ومع أن هذه الأمور نسبية، وبعضها خطأ في التقييم، لكن هذا هو مفهوم الطلاب عنها، والأهم أنهم استطاعوا الحديث عنها بصدق وبصراحة، وهذا من شأنه لفت نظر إدارة أي مدرسة لما يحمله طلابها من هموم، وما يرونه من أخطاء، والنظر إليها إما للإصلاح، أو للتوضيح.
النظام التربوي الحديث يحمل في طياته الكثير من الاقتراحات التي من شأنها نسف المفاهيم التربوية القديمة، والتي طالما نادى التلاميذ بها وهي إعطاءهم فرصة للتعبير عن رأيهم، وعدم التفرقة بين طالب وآخر.
 التوصيات:
1. إن التراث الإسلامي مليء بالشروط والمواصفات يجب أن يتصف بها كل من طالب العلم، وصفات يجب أن يتصف بها المعلم.
2. إن المشكلات بين الطالب والمعلم ناشئة من مجموعه أسباب لا دخل للطالب، أو المعلم فيها بشكل مباشر؛ الحل يكمن في كسر الروتين التعليمي وتطبيق نماذج أخرى من التعليم أثبتت فاعليتها.
3.  يجب أن ينظر إلى هذه النماذج الجديدة كأسلوب جديد يحتاج إلى توفير بعض الشروط والمستلزمات أهمها التدريب، والتخطيط, وتقليل نصاب المعلم والتخفيف من الاكتظاظ الطلابي.. الأمر الذي يحتاج إلى جهد غير عادي من المشرفين التربويين في الوزارة وأدوات تعليم المناطق.
4. إن الحرية النسبية في الصف الدراسي وكسر الحواجز الأسمنتية الفاصلة بين المعلم والطالب قد تحل كثير من الأزمات التي يمر بها الطلاب في مدارسنا.
واخيرا اتمنى استفدتم من موضوع العلاقة بين المعلم والطالب وكيف يمكن تطويرها


يتم التشغيل بواسطة Blogger.