الاندماج النووي
الفرق بين الاندماج النووي والانشطار النووي
تعريفه :
تفاعل الاندماج النووي (يعرف أيضا بالـ تيرمونووي) هو، بالإضافة إلى الانشطار، أحد أهم أنواع التفاعلات النووية التطبيقية.
الاندماج النووي عملية تتجمع فيها نواتان ذريتان لتكوين نواة واحدة أثقل. ويلعب اندماج الأنوية الخفيفة مثل البروتون وهو نواة ذرة الهيدروجين والديوترون نواة الهيدروجين الثقيل والتريتيون وهو نواة التريتيوم دوراً هائلاً في العالم وفي الكون، حيث ينطلق خلال هذا الاندماج كمية هائلة من الطاقة تظهر على شكل حرارة وإشعاع كما يحدث في الشمس، فتمدنا بالحرارة والنور والحياة. فبدون هذا التفاعل ما وُجدت الشمس وما وُجدت النجوم، ولا حياة من دون تلك الطاقة المسماة طاقة الاندماج النووي. وتنتج تلك الطاقة الهائلة عن فقد في وزن النواة الناتجة عن الاندماج النووي، وهذا الفقد في الكتلة يتحول إلى طاقة طبقاً لمعادلة ألبرت أينشتاين التي تربط العلاقة بين الكتلة والطاقة.
هذا التفاعل هو الذي يغذي الشمس وباقي النجوم الأخرى في الكون، ويمدهم بالحرارة والضوء.
فائدة الاندماج النووي تكمن في إطلاقه كميات طاقة أكبر بكثير مما يطلقه الانشطار. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المحيطات تحتوي بشكل طبيعي على كميات كافية من الدويتريوم اللازم للتفاعل فإذا فلح الإنسان في ترويض تلك الطاقة لتغذية الكوكب بالطاقة لمدة آلاف السنين، كما أن المواد المنبعثة عن الاندماج (خصوصا الهيليوم 4)، ليست مواداً مشعّة.
و على الرغم من العدد الكبير من التجارب التي تم القيام بها في كل أنحاء العالم منذ خمسين سنة، فإنه لم يتم التوصل إلى بناء مفاعل يعمل بالاندماج، ولكن الأبحاث في تقدم مستمر لغرض التوصل إلى ذلك. وكل ما اسطاع الإنسان التوصل إليه في هذا المجال جاء في المجال العسكري بابتكار القنبلة الهيدروجينية.
كيفية الحصول عليه :
يحدث تفاعل الاندماج النووي عندما تتداخل نواتان ذريتان. ولكي يتم هذا التداخل، لا بد من أن تتخطى النواتان التنافر الحاصل بين شحنتيهما الموجبتين (و تعرف الظاهرة بالـحاجز الكولومبي). إذا ما طبقنا قواعد الميكانيكا الكلاسيكية وحدها، سيكون احتمال الحصول على اندماج الأنوية منخفضا للغاية، بسبب الطاقة الحركية (الموافقة للهيجان الحراري) العالية جدا اللازمة لتخطي الحاجز المذكور. وفي المقابل، تقترح ميكانيكا الكم، وهو ما تؤكده التجربة، أن الحاجز الكولومبي يمكن تخطيه أيضا بظاهرة النفق الكمومي، بطاقات أكثر انخفاضا.
وبالرغم من ذلك، فإن الطاقة اللازمة للاندماج تبقى مرتفعة جداً، وهو ما يقابله حرارة أكثر من عشرات أو ربما مئات الملايين من الدرجات المئوية حسب طبيعة الأنوية. وفي داخل الشمس على سبيل المثال، يجري تفاعل اندماج الهيدروجين المؤين عبر مراحل إلى تولد الهليوم، في ظل حرارة تقدر ب 15 مليون درجة مئوية، ويحدث ذلك ضمن عدة تفاعلات مختلفة تنتج عنها حرارة الشمس. وتُدرس بعض تلك التفاعلات بين نظائر الهيدروجين بغرض إنتاج الطاقة عبر الاندماج مثل الديوتيريوم-ديوتيريوم أو الديوتيريوم-تريتيوم (انظر أسفله). أما في الشمس فتتواصل عملية الاندماج إلى العناصر الخفيفة ثم المتوسطة ثم ينتج منها العناصر الثقيلة مثل الحديد، الذي يحتوي في نواته على 26 بروتون ونحو 30 من النيوترونات. وفي بعض النجوم الأكثر كتلة عن الشمس، تتم عمليات اندماج لأنوية أضخم تحت درجات حرارة أكبر.
وعندما تندمج أنوية صغيرة، تنتج نواة غير مستقرة تسمي أحيانا نواة مركبة، ولكي تعود إلى حالة استقرار ذات طاقة أقل، تـُطلق جسيم أو أكثر (فوتون، نيوترون، بروتون، على حسب التفاعل)، وتتوزع الطاقة الزائدة بين النواة والجسيمات المطلقة في شكل طاقة حركيّة. وطبقاً للرسم التوضيحي تنطلق نواة ذرة الهيليوم بطاقة قدرها 5و3 MeV وينطلق النيوترون بطاقة قدرها 14,1 MeV (ميجا إلكترون فولت). وفي المفاعلات الاندماجية الجاري تطبيقها حاليا يجتهد العلماء للحصول على مردود جيد من الطاقة خلال الاندماج، أي من الضروري أن تكون الطاقة الناتجة أكبر من الطاقة المستهلكة لتواصل التفاعلات واستغلال الحرارة الناتجة في إنتاج الطاقة الكهربائية. كما يجب عزل محيط التفاعل ومواد المحيط في المفاعلات الاندماجية.
عندما لا يوجد أي وضع مستقر، تقريبا، قد يكون من المستحيل أن نقوم بإدماج نواتين (على سبيل المثال : 4He + 4He).
إن التفاعلات الاندماجية التي تطلق أكبر قدر من الطاقة هي تلك التي تستخدم أكثر الأنوية خفّة لإنتاج الهيليوم، لأن الهيليوم ونواته جسيم ألفا هي أقوى نواة ذرة هلى الإطلاق من جهة تماسكها، فهي تحتوي على 2 بروتون و 2 نيوترون وهؤلاء الأربعة شديدو التماسك بحيث يتحول جزء يعادل 005و0 من كتلتهم كما في التفاعل الموضح بالرسم ،إلى طاقة حركة تتوزع بين نواة الهيليوم الناتجة والنيوترون. ومجموع الطاقتين الموزعتين = 3,5 + 14,1 = 17,6 ميجا إلكترون فولت. وبالتالي فإن أنوية الدويتيريوم (بروتون واحد ونيوترون واحد) والتريتيوم (بروتون واحد ونيوترونان)، مستخدمة في التفاعلات التالية :
ديوتيريوم + ديوتيريوم -> هيليوم 3 + نيوترون
ديوتيريوم + ديوتيريوم -> تريتيوم + بروتون
ديوتيريوم + تريتيوم -> هيليوم 4 + نيوترون
ديوتيريوم + هيليوم-3 -> هيليوم-4 + بروتون
و هذه التفاعلات هي أكثر التفاعلات دراسة في المخابر عند تجارب الاندماج المراقبة، وكل منها ينتج نحو 17 ميجا إلكترون فولت من الطاقة.
الاندماج المتحكم فيه
يمكن التفكير في عدة طرق تمكّننا من احتجاز محيط التفاعل للقيام بتفاعلات اندماج نووية، ويقوم العلماء فعلا بتلك التجارب بواسطة الاحتجاز المغناطيسي لما يسمى البلازما في جهاز مفرغ من الهواء مع رفع درجة حرارة البلازما إلى عشرات الملايين درجة مئوية. ولكن احتجاز البلازما - وهي أنوية التريتيوم و الديوتيروم العارية من الإلكترونات - تحت هذه الحرارة العالية صعب جدا إذ كلها تحمل شحنة كهربائية موجبة تجعلهم يتنافرون عن بعضهم. فما يلبث التفاعل أن يبدأ بينهم لمدة أجزاء من الثانية حتى يتنافروا ويتوقف التفاعل. وينصب حاليا اهتمام العلماء على ابتكار وسيلة يستطيعون بها إطالة مدة انحصار البلازما وإطالة مدة التفاعل. وتلك المجهودات ما هي إلا بغرض استغلال طاقة الاندماج النووي لإنتاج الطاقة الكهربائية.
الاندماج بالاحتجاز المغناطيسي
التوكاماك، حيث يحتجز خليط من نظائر الهيدروجين بواسطة حقل مغناطيسي بالغ الشدة.
الستيلاتور، حيث تؤمن الحواث (inductors) الاحتجاز بالكامل.
بلازما الاندماج :
رسم بياني يوضح العلاقة بين درجة الحرارة ومعدل التفاعل لثلاثة أنواع من التفاعلات الاندماجية.
عندما تصل الحرارة الدرجة التي يحصل فيها الاندماج، تكون المادة في حالة بلازما. إنها حالة خاصة للمادة الأولية، تكوّن فيها الذرات أو الجزيئات غازا أيونيا.
تحت درجات الحرارة العالية يتم اقتلاع إلكترون أو أكثر من السحابة الإلكترونية المحيطة بكل نواة، مما ينتج عنه أيونات موجبة وإلكترونات طليقة.
ينتج عن التحرك الكبير للأيونات والإلكترونات داخل بلازما حرارية، عدة اصطدامات بين الجسيمات الموجبة الشحنة الكهربية. ولكي تكون هذه الاصطدامات قوية بما فيه الكفاية لإنشاء تفاعل اندماجي، تتدخل ثلاث عوامل :
الحرارة T ;
الكثافة N ;
زمن الاحتجاز τ.
حسب لوسون فإن المعامل Nτ يجب أن يصل حدا فاصلا للحصول على الـ breakeven حيث تكون الطاقة الناتجة عن الاندماج مساوية للطاقة المستخدمة. يحدث الإيقاد إثر ذلك في مرحلة أكثر إنتاجا للطاقة (لم يتوصل العلماء لإيجادها حتى اليوم في المفاعلات التجريبية الحالية). إنه الحد الذي يكون التفاعل إثره قادرا على المواصلة من تلقاء ذاته من دون انقطاع. لتفاعل ديتوريوم + تريسيوم، يقدّر هذا الحد بـ 1014 ثانية/سم³.
المشاكل التي واجهت العلماء :
1- الحصول على درجة حرارة عالية تبلغ ملايين الدرجات المئوية لتحويل نظائر الهيدروجين s21H، s31H إلى حالة البلازما Plasma أي الحالة المتأينة منها ولتكتسب طاقة الحركة اللازمة للتغلب على قوى التنافر بين الأنوية .
2- تجميع البلازما فى مركز الوعاء الحاوى للوقود Plasma Confinement وذلك لإبعادها عن الجدران فتصبح البلازما معزولة ولا تتسرب طاقتها إلى الوسط المحيط بها وبذلك تحافظ على درجة حرارتها وترتفع فيها درجة الحرارة والضغط تدريجياً حتى تتم عملية الاندماج .
ولتحقيق هذه الشروط يوضع خليط الديوتيريوم والتريتيوم بكمية بسيطة داخل وعاء مفرغ إلى ضغط منخفض ويمر فى الوعاء تيار كهربى تبلغ شدته مئات الآلاف من الأمبيرات ونتيجة مرور التيار تنشأ حرارة عالية ترفع درجة حرارة نظائر الهيدروجين فتتحول إلى حالة البلازما وفى نفس الوقت يتولد مجال مغناطيسى قوى جداً يعمل على تجميع Confinement البلازما فى شريط رفيع وشديدة الإضاءة ذو ضغط وحرارة عالية وبعيداً عن جدران الوعاء .
- ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى صعوبة الحصول على شدة التيار المطلوبة لأن هذا يتطلب بناء مولد كهربى الذى يقوم بتوليد فرق جهد يساوى مئات الملايين من الفولت بدون توقف . ويبين الشكل أساسيات أحد أجهزة الاندماج النووى الذى يعرف باسم توكاماك Tokamak.
مميزات الاندماج النووى :
يتميز الاندماج النووى عن الانشطار النووى كمصدر للطاقة بالمميزات الآتية :
1- وفرة الوقود الاندماجى فمن المعروف أن الديوتريوم s21Hيوجد فى الماء الثقيل بمياه البحر حيث يكون نسبته إلى الماء العادى 1 : 6000 . وهذه الكمية من الديوتريوم تكفى لإنتاج الطاقة اللازمة للبشرية لحوالى 20 ألف مليون سنة .
2- الطاقة الناتجة من المفاعل الاندماجى أكبر من طاقة المفاعل الانشطارى فالكيلو جرام من اليورانيوم ينتج طاقة تعادل 22.9 مليون كيلووات ساعة بينما الكيلو جرام من الديوتيريوم ينتج 177.5 مليون كيلووات ساعة أي أنها أكبر بحوالى ثمان مرات .
3- لا تتخلف نظائر مشعة من عملية الاندماج النووى بينما يتخلف من عملية الانشطار النووى نفايات عالية الإشعاع التى تقدر بحوالى 8000 طن سنوياً من المفاعلات النووية العاملة فى العالم .
الفرق بين الاندماج النووي والانشطار النووي
تعريفه :
تفاعل الاندماج النووي (يعرف أيضا بالـ تيرمونووي) هو، بالإضافة إلى الانشطار، أحد أهم أنواع التفاعلات النووية التطبيقية.
الاندماج النووي عملية تتجمع فيها نواتان ذريتان لتكوين نواة واحدة أثقل. ويلعب اندماج الأنوية الخفيفة مثل البروتون وهو نواة ذرة الهيدروجين والديوترون نواة الهيدروجين الثقيل والتريتيون وهو نواة التريتيوم دوراً هائلاً في العالم وفي الكون، حيث ينطلق خلال هذا الاندماج كمية هائلة من الطاقة تظهر على شكل حرارة وإشعاع كما يحدث في الشمس، فتمدنا بالحرارة والنور والحياة. فبدون هذا التفاعل ما وُجدت الشمس وما وُجدت النجوم، ولا حياة من دون تلك الطاقة المسماة طاقة الاندماج النووي. وتنتج تلك الطاقة الهائلة عن فقد في وزن النواة الناتجة عن الاندماج النووي، وهذا الفقد في الكتلة يتحول إلى طاقة طبقاً لمعادلة ألبرت أينشتاين التي تربط العلاقة بين الكتلة والطاقة.
هذا التفاعل هو الذي يغذي الشمس وباقي النجوم الأخرى في الكون، ويمدهم بالحرارة والضوء.
فائدة الاندماج النووي تكمن في إطلاقه كميات طاقة أكبر بكثير مما يطلقه الانشطار. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المحيطات تحتوي بشكل طبيعي على كميات كافية من الدويتريوم اللازم للتفاعل فإذا فلح الإنسان في ترويض تلك الطاقة لتغذية الكوكب بالطاقة لمدة آلاف السنين، كما أن المواد المنبعثة عن الاندماج (خصوصا الهيليوم 4)، ليست مواداً مشعّة.
و على الرغم من العدد الكبير من التجارب التي تم القيام بها في كل أنحاء العالم منذ خمسين سنة، فإنه لم يتم التوصل إلى بناء مفاعل يعمل بالاندماج، ولكن الأبحاث في تقدم مستمر لغرض التوصل إلى ذلك. وكل ما اسطاع الإنسان التوصل إليه في هذا المجال جاء في المجال العسكري بابتكار القنبلة الهيدروجينية.
كيفية الحصول عليه :
يحدث تفاعل الاندماج النووي عندما تتداخل نواتان ذريتان. ولكي يتم هذا التداخل، لا بد من أن تتخطى النواتان التنافر الحاصل بين شحنتيهما الموجبتين (و تعرف الظاهرة بالـحاجز الكولومبي). إذا ما طبقنا قواعد الميكانيكا الكلاسيكية وحدها، سيكون احتمال الحصول على اندماج الأنوية منخفضا للغاية، بسبب الطاقة الحركية (الموافقة للهيجان الحراري) العالية جدا اللازمة لتخطي الحاجز المذكور. وفي المقابل، تقترح ميكانيكا الكم، وهو ما تؤكده التجربة، أن الحاجز الكولومبي يمكن تخطيه أيضا بظاهرة النفق الكمومي، بطاقات أكثر انخفاضا.
وبالرغم من ذلك، فإن الطاقة اللازمة للاندماج تبقى مرتفعة جداً، وهو ما يقابله حرارة أكثر من عشرات أو ربما مئات الملايين من الدرجات المئوية حسب طبيعة الأنوية. وفي داخل الشمس على سبيل المثال، يجري تفاعل اندماج الهيدروجين المؤين عبر مراحل إلى تولد الهليوم، في ظل حرارة تقدر ب 15 مليون درجة مئوية، ويحدث ذلك ضمن عدة تفاعلات مختلفة تنتج عنها حرارة الشمس. وتُدرس بعض تلك التفاعلات بين نظائر الهيدروجين بغرض إنتاج الطاقة عبر الاندماج مثل الديوتيريوم-ديوتيريوم أو الديوتيريوم-تريتيوم (انظر أسفله). أما في الشمس فتتواصل عملية الاندماج إلى العناصر الخفيفة ثم المتوسطة ثم ينتج منها العناصر الثقيلة مثل الحديد، الذي يحتوي في نواته على 26 بروتون ونحو 30 من النيوترونات. وفي بعض النجوم الأكثر كتلة عن الشمس، تتم عمليات اندماج لأنوية أضخم تحت درجات حرارة أكبر.
وعندما تندمج أنوية صغيرة، تنتج نواة غير مستقرة تسمي أحيانا نواة مركبة، ولكي تعود إلى حالة استقرار ذات طاقة أقل، تـُطلق جسيم أو أكثر (فوتون، نيوترون، بروتون، على حسب التفاعل)، وتتوزع الطاقة الزائدة بين النواة والجسيمات المطلقة في شكل طاقة حركيّة. وطبقاً للرسم التوضيحي تنطلق نواة ذرة الهيليوم بطاقة قدرها 5و3 MeV وينطلق النيوترون بطاقة قدرها 14,1 MeV (ميجا إلكترون فولت). وفي المفاعلات الاندماجية الجاري تطبيقها حاليا يجتهد العلماء للحصول على مردود جيد من الطاقة خلال الاندماج، أي من الضروري أن تكون الطاقة الناتجة أكبر من الطاقة المستهلكة لتواصل التفاعلات واستغلال الحرارة الناتجة في إنتاج الطاقة الكهربائية. كما يجب عزل محيط التفاعل ومواد المحيط في المفاعلات الاندماجية.
عندما لا يوجد أي وضع مستقر، تقريبا، قد يكون من المستحيل أن نقوم بإدماج نواتين (على سبيل المثال : 4He + 4He).
إن التفاعلات الاندماجية التي تطلق أكبر قدر من الطاقة هي تلك التي تستخدم أكثر الأنوية خفّة لإنتاج الهيليوم، لأن الهيليوم ونواته جسيم ألفا هي أقوى نواة ذرة هلى الإطلاق من جهة تماسكها، فهي تحتوي على 2 بروتون و 2 نيوترون وهؤلاء الأربعة شديدو التماسك بحيث يتحول جزء يعادل 005و0 من كتلتهم كما في التفاعل الموضح بالرسم ،إلى طاقة حركة تتوزع بين نواة الهيليوم الناتجة والنيوترون. ومجموع الطاقتين الموزعتين = 3,5 + 14,1 = 17,6 ميجا إلكترون فولت. وبالتالي فإن أنوية الدويتيريوم (بروتون واحد ونيوترون واحد) والتريتيوم (بروتون واحد ونيوترونان)، مستخدمة في التفاعلات التالية :
ديوتيريوم + ديوتيريوم -> هيليوم 3 + نيوترون
ديوتيريوم + ديوتيريوم -> تريتيوم + بروتون
ديوتيريوم + تريتيوم -> هيليوم 4 + نيوترون
ديوتيريوم + هيليوم-3 -> هيليوم-4 + بروتون
و هذه التفاعلات هي أكثر التفاعلات دراسة في المخابر عند تجارب الاندماج المراقبة، وكل منها ينتج نحو 17 ميجا إلكترون فولت من الطاقة.
الاندماج المتحكم فيه
يمكن التفكير في عدة طرق تمكّننا من احتجاز محيط التفاعل للقيام بتفاعلات اندماج نووية، ويقوم العلماء فعلا بتلك التجارب بواسطة الاحتجاز المغناطيسي لما يسمى البلازما في جهاز مفرغ من الهواء مع رفع درجة حرارة البلازما إلى عشرات الملايين درجة مئوية. ولكن احتجاز البلازما - وهي أنوية التريتيوم و الديوتيروم العارية من الإلكترونات - تحت هذه الحرارة العالية صعب جدا إذ كلها تحمل شحنة كهربائية موجبة تجعلهم يتنافرون عن بعضهم. فما يلبث التفاعل أن يبدأ بينهم لمدة أجزاء من الثانية حتى يتنافروا ويتوقف التفاعل. وينصب حاليا اهتمام العلماء على ابتكار وسيلة يستطيعون بها إطالة مدة انحصار البلازما وإطالة مدة التفاعل. وتلك المجهودات ما هي إلا بغرض استغلال طاقة الاندماج النووي لإنتاج الطاقة الكهربائية.
الاندماج بالاحتجاز المغناطيسي
التوكاماك، حيث يحتجز خليط من نظائر الهيدروجين بواسطة حقل مغناطيسي بالغ الشدة.
الستيلاتور، حيث تؤمن الحواث (inductors) الاحتجاز بالكامل.
بلازما الاندماج :
رسم بياني يوضح العلاقة بين درجة الحرارة ومعدل التفاعل لثلاثة أنواع من التفاعلات الاندماجية.
عندما تصل الحرارة الدرجة التي يحصل فيها الاندماج، تكون المادة في حالة بلازما. إنها حالة خاصة للمادة الأولية، تكوّن فيها الذرات أو الجزيئات غازا أيونيا.
تحت درجات الحرارة العالية يتم اقتلاع إلكترون أو أكثر من السحابة الإلكترونية المحيطة بكل نواة، مما ينتج عنه أيونات موجبة وإلكترونات طليقة.
ينتج عن التحرك الكبير للأيونات والإلكترونات داخل بلازما حرارية، عدة اصطدامات بين الجسيمات الموجبة الشحنة الكهربية. ولكي تكون هذه الاصطدامات قوية بما فيه الكفاية لإنشاء تفاعل اندماجي، تتدخل ثلاث عوامل :
الحرارة T ;
الكثافة N ;
زمن الاحتجاز τ.
حسب لوسون فإن المعامل Nτ يجب أن يصل حدا فاصلا للحصول على الـ breakeven حيث تكون الطاقة الناتجة عن الاندماج مساوية للطاقة المستخدمة. يحدث الإيقاد إثر ذلك في مرحلة أكثر إنتاجا للطاقة (لم يتوصل العلماء لإيجادها حتى اليوم في المفاعلات التجريبية الحالية). إنه الحد الذي يكون التفاعل إثره قادرا على المواصلة من تلقاء ذاته من دون انقطاع. لتفاعل ديتوريوم + تريسيوم، يقدّر هذا الحد بـ 1014 ثانية/سم³.
المشاكل التي واجهت العلماء :
1- الحصول على درجة حرارة عالية تبلغ ملايين الدرجات المئوية لتحويل نظائر الهيدروجين s21H، s31H إلى حالة البلازما Plasma أي الحالة المتأينة منها ولتكتسب طاقة الحركة اللازمة للتغلب على قوى التنافر بين الأنوية .
2- تجميع البلازما فى مركز الوعاء الحاوى للوقود Plasma Confinement وذلك لإبعادها عن الجدران فتصبح البلازما معزولة ولا تتسرب طاقتها إلى الوسط المحيط بها وبذلك تحافظ على درجة حرارتها وترتفع فيها درجة الحرارة والضغط تدريجياً حتى تتم عملية الاندماج .
ولتحقيق هذه الشروط يوضع خليط الديوتيريوم والتريتيوم بكمية بسيطة داخل وعاء مفرغ إلى ضغط منخفض ويمر فى الوعاء تيار كهربى تبلغ شدته مئات الآلاف من الأمبيرات ونتيجة مرور التيار تنشأ حرارة عالية ترفع درجة حرارة نظائر الهيدروجين فتتحول إلى حالة البلازما وفى نفس الوقت يتولد مجال مغناطيسى قوى جداً يعمل على تجميع Confinement البلازما فى شريط رفيع وشديدة الإضاءة ذو ضغط وحرارة عالية وبعيداً عن جدران الوعاء .
- ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى صعوبة الحصول على شدة التيار المطلوبة لأن هذا يتطلب بناء مولد كهربى الذى يقوم بتوليد فرق جهد يساوى مئات الملايين من الفولت بدون توقف . ويبين الشكل أساسيات أحد أجهزة الاندماج النووى الذى يعرف باسم توكاماك Tokamak.
مميزات الاندماج النووى :
يتميز الاندماج النووى عن الانشطار النووى كمصدر للطاقة بالمميزات الآتية :
1- وفرة الوقود الاندماجى فمن المعروف أن الديوتريوم s21Hيوجد فى الماء الثقيل بمياه البحر حيث يكون نسبته إلى الماء العادى 1 : 6000 . وهذه الكمية من الديوتريوم تكفى لإنتاج الطاقة اللازمة للبشرية لحوالى 20 ألف مليون سنة .
2- الطاقة الناتجة من المفاعل الاندماجى أكبر من طاقة المفاعل الانشطارى فالكيلو جرام من اليورانيوم ينتج طاقة تعادل 22.9 مليون كيلووات ساعة بينما الكيلو جرام من الديوتيريوم ينتج 177.5 مليون كيلووات ساعة أي أنها أكبر بحوالى ثمان مرات .
3- لا تتخلف نظائر مشعة من عملية الاندماج النووى بينما يتخلف من عملية الانشطار النووى نفايات عالية الإشعاع التى تقدر بحوالى 8000 طن سنوياً من المفاعلات النووية العاملة فى العالم .